برنامج مقترح لتحري ليله القد ....
بداية من أول ليلة وترية (يوم عشرون)، عليك بالآتي:
1) الاستعداد لها منذ الفجر.. فبعد صلاة الفجر تحرص على جلسة الشروق وقول أذكار الصباح كاملة .. وكذلك احرص على قول أذكار المساء بعد صلاة.
ومن أهمها قول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مئة مرة، لكي يكون حرز لك من الشيطان فلا يتلبس بعملك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه» [رواه البخاري].
2) الدعاء مع آذان المغرب.. ادع لنفسك ولكل من تعرف وللمسلمين والمسلمات، واسأل الله أن يجعلنا من عتقائه من النار في هذه الليلة وكل ليلة.. وادع أيضاً أن يعينك الله ويوفقك لقيام ليلة القدر.
3) احرص على أن تفطر صائماً.. إما بدعوته أو بإرسال إفطاره أو بدفع مال لإفطاره، فتحصل على أجرًا مضاعفًا لصيام رمضان .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء» [رواه الترمذي وصححه الألباني]
4) جدد التوبة.. فلكي تدخل على ربِّك جلَّ وعلا، لابد أن تطهِّر قلبك بتجديد التوبة .. واعلم أن جميع الأحاديث التي ورد فيها المغفرة وحط الخطايا إنما يراد بها الصغائر، أما الكبائر فلابد من التوبة النصوح.
واحذر من الكبائر المتعلقة بحقوق البشر.. فلا يتم التحلل منها إلا بطلب السماح من صاحب الحق؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته؛ فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه» [رواه البخاري].
ومن أعظم حقوق العباد: الغيبة والنميمة والسخرية، والاستهزاء والسب، والشتم وشهادة الزور، وحقوقهم في الأموال.
5) جهِّز صدقتك لهذه الليلة من ليالي العشر.. وليكن لك ادخار طوال السنة لتخرجه في هذه الليالي الفاضلة، فلا تفوتك ليلة من ليالي الوتر إلا وتخرج صدقتها..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الصدقة لتطفىء عن أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته» [رواه الطبراني وحسنه الألباني].. وقال صلى الله عليه وسلم: «صدقة السر تطفئ غضب الرب» [صحيح الجامع].
6) احرص على القيام بجميع الفرائض والسنن..
بداية من ترديدك الآذان مع المؤذن في كل صلاة.. ومع التكبير عظِّم ربك بقلبك، ومع شهادة التوحيد جدد إيمانك، ومع قوله "حي على الصلاة وحي على الفلاح" تذلل لربك وانكسر إليه واعلم أنه لا حول ولا قوة لك إلا به..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا، غفر له ذنبه» [رواه مسلم].
وبعد النداء.. عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمد الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، حلت له شفاعتي يوم القيامة» [رواه البخاري]
7) بكِّر بالفطور احتسابًا.. فلتأكل بنية التقوِّي على طاعة الله عز وجل، وليكن إفطارك على رطب إتباعًا لسُنة النبي .
ولا تنس الدعاء في هذه اللحظات.. فتدعو الله أن يُعينك ويوفقك لليلة القدر وأن يعتق رقابنا جميعًا من النار.
بادر بالنافلة بين الأذان والإقامة، ثم صلِّ صلاة المغرب بخشوع واطمئنان.. حتى تتقرب أكثر إلى الله عز وجل، قال الله تعالى في الحديث القدسي: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه» [رواه البخاري].. ثم تقوم بإحياء ما بين المغرب والعشاء، بالذكر والصلاة وتلاوة القرآن.
9) ومع آذان العشاء.. تقوم بترديد الآذان ثم تُبادر بالذهاب إلى المسجد، وتحتسب في خروجك إلى المسجد أجر الحجة والعمرة .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة؛ فهي كحجة، ومن مشى إلى صلاة تطوع؛ فهي كعمرة» [حسنه الألباني، صحيح الجامع (6556)].
وأثناء أدائك لصلاة العشاء.. تحتسب أجر قيام نصف الليل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ..» [رواه مسلم].. وأيضًا التخلص من خصلة من خصال النفاق؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا» [رواه مسلم].
10) صلاة التراويح.. وهي من أهم الأعمال التي تعملها في العشر الأواخر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه].. فلتجعل قيامك طويلاً جدًا في هذه الليالي.
11) وقت التهجد (وقت السحر)..
فأكثر فيه من الاستغفار.. قال تعالى: {..وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 17].
وأكثر من الدعــــاء.. ولا يفتُر لسانك عن هذا الدعاء في ليالي العشر؛ عن عائشة رضي الله عنها قالت: «قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها؟، قال "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"» [رواه الترمذي وصححه الألباني].
وتنوِّع ما بين قراءة القرآن والذكر والدعاء إلى قبيل الفجر، ثم تتسحر .. قال رسول الله: «تسحروا فإن في السحور بركة» [رواه البخاري] .. وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين» [رواه الطبراني وحسنه الألباني]، أي إن الله عز وجل يُثني على المُتسحرين.
وأفضل السحور.. السحور على تمر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم سحور المؤمن التمر» [رواه أبو داود وصححه الألباني]
ثم ألهج بالدعاء حتى يؤذن بالفجر.. وليكن قلبك خائفًا وجلاً من عدم القبول؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60].. فتسأل الله أن يتقبَّل عملك مع إعترافك بتقصيرك .. وعلامة القبول أن تتبع الحسنة حسنة بعدها، فلابد أن تجتهد في النهار كما اجتهدت في الليل.. وبعدها تؤدي صلاة الفجر وتقول أذكار الصباح في جلسة الشروق.
12) ثم تأخذ قسطًا من الراحة بنية التقوِّي على الطاعة.. وتستيقظ قُبيل الظهر بحوالي نصف ساعة، لصلاة الضحى أربع ركعات.. قال رسول الله عن الله تبارك وتعالى أنه قال: «يا ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره» [رواه الترمذي وصححه الألباني]، حتى يحفظك الله جل وعلا طوال اليوم وفي نفس الوقت تكون قد تقربت إلى الله عز وجل بصلاة الأوابين.
13) واحرص على أربع ركعات قبل الظهر وبعده.. عن أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار» [رواه أحمد وصححه الألباني].
14) إن لم تكن مُعتكفًا، فلا تنسى إحتساب النوايا.. قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162].. فعندما تعمل لا تجعل همك المكاسب الدنيوية، بل احتسب إنك تعمل لأن الله عز وجل قد أمرك بالتكسُّب ولكي تؤدي حقوق الله تعالى في مالك؛ يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: «إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة» [صحيح الجامع (1781)].
ولتقضِّ يومًا كما كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يفعل.. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم اليوم صائما ، قال أبو بكر: أنا. قال: "فمن تبع منكم اليوم جنازة؟"، قال أبو بكر: "أنا". قال: "فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟"، قال أبو بكر: "أنا". قال: "فمن عاد منكم اليوم مريضا؟"، قال أبو بكر: "أنا". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة"» [رواه مسلم].
15) وإن كنت ممن مَنَّ الله عليهم بالاعتكاف.. فعليك أن تُكمِّل بقية البرنامج الإيماني، فلابد أن يكون لك أعمالاً فذة كبيرة، مثل:
ختم القرآن كل ثلاثة أيام في العشر الأواخر.. بأن تقرأ عشرة أجزاء يوميًا.
حقق أرقامًا قياسية في أوراد الذكر.. قال أبو هريرة: إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة، وذلك على قدر ديني، أو قدر دينه.. وعن عكرمة: أن أبا هريرة كان يسبح كل يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة، يقول: أسبح بقدر ذنبي.. وكان خالد بن معدان يسبح في اليوم أربعين ألف تسبيحة، سوى ما يقرأ من القرآن، فلما مات ووضع على سريره ليغسل، جعل بأصبعه هكذا يحركها ـ يعني بالتسبيح ـ .
- تصدَّق بصدقة عظيمة.. قال تعالى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92].
- تخلَّص من الترف والتعلُّق بالدنيا.. بأن تفطر في بعض الأيام على التمر والماء، كما كان يفعل النبي .. وتنام نومًا يسيرًا، كي تجاهد نفسك وتشتغل بالعبادات.
نسأل الله أن يُبلغنا ليلة القدر وأن يجعلنا من الفائزين بها.. وأن يرزقنا قلوبًا جديدة بدلاً من قلوبنا السقيمة من كثرة تعلُقها بالدنيا.. وأن يستودع قلوبنا رحمته ومعرفته ومحبته،،